دستور 1923 عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى اندلعت الثورة المصرية فى عام 1919 مطالبة بالحرية والاستقلال لمصر ، وإقامة حياة نيابية وديمقراطية كاملة. وأسفرت هذه الثورة عن صدور تصريح 28 فبراير 1922 الذى اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة (مع وجود تحفظات أربعة) ، كما تضمن إنهاء الحماية البريطانية على مصر. واستناداً إلى هذا الواقع الجديد ..تم وضع دستور جديد للبلاد صدر فى أبريل عام 1923 ، ووضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضواً ، ضمت ممثلين للأحزاب السياسية ، والزعامات الشعبية ، وقادة الحركة الوطنية. وقد أخذ دستور عام 1923 بالنظام النيابى البرلمانى القائم على أساس الفصل والتعاون بين السلطات .. ونُظمت العلاقة بين السلطتين .. التشريعية والتنفيذية ..على أساس مبدأ الرقابة والتوازن .. فجعل الوزارة مسئولة أمام البرلمان الذى يملك حق طرح الثقة فيها.. بينما جعل من حق الملك حل البرلمان ، ودعوته إلى الانعقاد ، ولكنه أعطى للبرلمان حق الاجتماع بحكم الدستور إذا لم يُدع فى الموعد المحدد. كما أخذ دستور عام 1923 بنظام المجلسين ، وهما : مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وبالنسبة لمجلس النواب نص الدستور على أن جميع أعضائه منتخبون ، ومدة عضوية المجلس خمس سنوات . أما مجلس الشيوخ فكان ثلاثة أخماس أعضائه منتخبين ، وكان الخمسان معينين . وأخذ الدستور بمبدأ المساواة فى الاختصاص بين المجلسين كأصل عام ، مع بعض الاستثناءات. وقد تزايد عدد أعضاء المجلسين من فترة لأخرى ، حيث كان الدستور يأخذ بمبدأ تحديد عدد أعضاء المجلسين بنسبة معينة من عدد السكان. فكان أعضاء مجلس النواب فى ظل دستور سنة 1923 هو 214 عضواً واستمر كذلك من عام 1924 إلى عام 1930 ، ثم زاد إلى 235 عضواً ، ثم نقص العدد فى ظل دستور سنة 1930 الذى استمر العمل به من 1931 ـ 1934 إلى 150 عضواً ، ثم زاد العدد مرة أخرى فى ظل عودة دستور 1923 الذى استمر العمل به من 1936 ـ1952 ليصبح 232 عضواً من 1936 إلى 1938 ، ثم أصبح العدد 264عضواً من 1938 إلى 1949 ، ثم زاد بعد ذلك فى عام1950 إلى 319 عضوا وظل كذلك حتى قيام ثورة يوليو فى عام 1952. وكان البرلمان الذى نص عليه الدستور المصرى الصادر عام 1923 خطوة متقدمة فى طريق الحياة البرلمانية والنيابية فى مصر، إلا أن الممارسة على أرض الواقع جاءت مشوبة بالعديد من السلبيات ، فتراوحت الحياة السياسية خلال الفترة من 1923 ـ 1952 ما بين فترات مد ديمقراطى وشعبى محدودة ، وفترات انحسار نجمت عن تدخل من سلطات الاحتلال والقصر شغلت معظم هذه الفترة ، الأمر الذى أسفر عن حل البرلمان نحو عشر مرات . فوق ذلك شهد عام 1930 صدور دستور جديد للبلاد ، استمر العمل به لمدة خمس سنوات كانت بمثابة نكسة للحياة الديمقراطية ، إلى أن عادت البلاد مرة أخرى إلى دستور عام 1923 ، وذلك فى عام 1935. وهكذا تردت الأوضاع الدستورية ؛لأسباب داخلية وخارجية لتصل إلى الحالة التى كانت عليها البلاد قبيل ثورة 1952 ، والتى اتصفت بقدر كبير من عدم الاستقرار السياسى والحكومى ، لدرجة أن مصر تعاقب عليها 40 وزارة ، وتعديل وزارى ، خلال الفترة من 1923 ـ 1952م.